من النقاط التي اجمع أغلب صحفيي الامن والدفاع عليها خلال مناقشات مؤتمر ميونيخ – ان الرئيس ترامب أظهر لحلفائه في اوروبا وخارجها منذ اول ساعة لفوزه في الانتخابات من هو صاحب الكلمة الاولى والأخيرة في كل الملفات السياسية – الاقتصادية – المفتوحة، ومن هو الفتوة والزعيم، وان لا شيئ بعد الآن سيكون مجانياً، وانه هو المُخرِج وكاتب السيناريو والحوار ومهندس الاضاءة والديكور – وهو وحده من سيختار – من بين الحلفاء – الممثلين والكومبارس والجمهور ابضاً اذا تطلب الامر – فالحماية الامريكية لكل اطراف جبهة الحلفاء لها ثمن، وهناك رؤية جديدة للمعاملات ستسري على الجميع، وانه لا مزايا نسبية للحلفاء في اوروبا او منطقة الشرق الاوسط، وهو وبلده وحدهما والاقوياء في العالم فقط ابطال الفيلم.
كذلك فمن المتفق عليه ان ترامب لديه رؤيته „التجارية “ للتعامل مع ملف اوكرانيا – والتي ستشكل لاحقاً مثالاً يُحتذى به في مناطق اخرى – !! – ليس فقط باعتباره الرئيس والزعيم – بل باعتباره رجل الأعمال والمدير القادر على ان يأمر بالتوقف او الاستمرار في اية لحظة، مايعني انه بحلول الوقت الذي يبدأ فيه الاتحاد الأوروبي وألمانيا في التفكير، سيكون بيع الموارد الطبيعية في أوكرانيا قد انتهى بالفعل.
تلقت أوكرانيا 267 مليار يورو من أوروبا في هذه الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات، ولم يساهم الآخرون الا بالكلام والقروض التي سيتوجب على اوكرانيا تسديدها بالفوائد ، بما في ذلك الولايات المتحدة – ما يعني انها اغلى “ – حرب علنية معروفة حتى الآن “ – وهي لم تنته بعد وقد تتكلف بحسب الرئيس ترامب تريليون دولار ..حين تبدأ عملية اعادة اعمار الاراضي التي ستتبقى من اوكرانيا – وحينها سيكون الاتحاد الأوروبي قد بات تاريخًا ودولاً مفلسة وهذا ما ارادته وتريده الولايات المتحدة – وستنتهي قصة حب اوروبا لاوكرانيا وقصة حب اورسولا فون دير لاين مع زيلينسكي، وتتبدد كل وعود العشق الابدي السياسي الشكلي في الهواء.
قبل أسبوع فقط، وصف دونالد ترامب الرئيس الأوكراني زيلينسكي ب “ الدكتاتور الذي يقوم بعمل رهيب„. والآن سيستقبله في البيت الأبيض يوم الجمعة – بعدما قال بالأمس “لا بأس بذلك بالتأكيد بالنسبة لي إذا أراد ذلك” فهذا يعني استعداده لتنفيذ ماقلت، مضيفاً أنها „صفقة كبيرة للغاية“. !!😀
. بحسب تقارير إعلامية أميركية، اتفقت حكومة كييف بالفعل مع المفاوضين الأميركيين على إطار اتفاق المواد الخام، الذي كان دائماً في قلب اهتمامات ترامب – وتبلغ قيمته 500 مليار دولار من عائدات مبيعات المعادن مقابل المساعدات العسكرية التي تعتبر واشنطن ان كييف حصلت عليها بالفعل!! ما يعني ان اوكرانيا لن تحصل على شيئ مستقبلاً الا في اطار عقد المديونية الذي سيوقعه زيلينسكي يوم الجمعة، وهو نفس العقد الذي رفض زيلينسكي التوقيع عليه خلال زيارة قام بها وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت الأسبوع الماضي، الا انه بعد غضب ترامب وأطلاق سيل الاهانات التي تلقاها “ اكتشف خطأه وتراجع عن موقفه“ .. والمسامح كريم.
والخلاصة
اتفاق المواد الخام بين أوكرانيا والولايات المتحدة سيتم توقيعه يوم الجمعة في البيت الأبيض مما يمكن استخلاصه ايضاً أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لواشنطن اول امس الاثنين – لا يبدو انها تركت لدى ترامب أي اثر – مما له دلالاته ايضاً التي يجب ان يفكر فيها كل اشباه ماكرون من الحلفاء – وهي رسالة واضحة لكل من يتصور ان له مكانة ما في واشنطن ..
وبحسب تقارير إعلامية، فإن رقم “500 مليار دولار”قد لا يُدرج ضمن عقد المديونية الذي سيوقعه زيلينيسكي ، بل وليس من المستبعد تقديم المزيد من المساعدات العسكرية الأمريكية التي تصلح لاستعادة الأمن – وليس الاراضي – حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام.. لكن ذلك سيكون مقابل المزيد من المعادن والمواد الخام الاوكرانية والتي ستحصل واشنطن على جزء كبير منها من الاراضي الواقعة تحت سيطرة روسيا.. وبمعنى اصح ستحصل عليها باتفاق مع روسيا وبموافقة زيلينيسكي !!!.
الاتفاقية التي سيتم توقيعها يوم الجمعة ستنص بحسب المعلومات المسربة من الامريكيين – على إنشاء صندوق استثماري بأغلبية اسهم أمريكية، حيث سيتدفق إليه 50 بالمائة من عائدات مبيعات المواد الخام. الاوكرانية . ويوجد ما مجموعه 20 نوعا من المعادن النادرة التي تعتبرها المجمعات الصناعية العسكرية الامريكية الروسية بالغة الأهمية في التربة الأوكرانية – بما في ذلك الليثيوم والجرافيت والتيتانيوم واليورانيوم والأتربة النادرة، والتي تستخدم عمليا في كل شيء من الهواتف الذكية إلى المعدات العسكرية. ومع ذلك، فإن غالبية هذه الموارد المعدنية باتت تقع بالقرب من الجبهة الحالية أو في الأراضي التي تحتلها روسيا. ويعتقد الخبراء أن خروج روسيا من تلك الاراضي بات من ضرب المستحيلات .
اخيراً.. أثبت السياسيون الاوروبيون في ملف اوكرانيا بزعامة اورسولا فون دير لاين مرة أخرى أنهم كغيرهم من سياسيي العالم التابع لايستطيعون التعامل مع المال والمسؤولية الوطنية… كما بين الواقع المعاش، وانهم في حاجة للحماية ولو من فتوة يلعب بالبيضة والحجر- قادر في كل لحظة ان يسبغ عليهم الحماية او يمنعها.
هذه هي الحدوتة التي لا يُمل من سردها.. والتمعن في نتائجها.