كيف ستبدو السياسة الخارجية الالمانية بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ وما هي تأثيراتها على الأمن والسلام في اوروبا – خاصة مع توجهات السياسة الأمريكية الجديدة التي يرغب الرئيس الامريكي ترامب في فرضها على اوروبا؟ وهل ستتأثر العلاقات الالمانية الروسية جراء ذلك سلباً أم ايجاباً؟
من الذي سيقود التحالف الحاكم المقبل في المانيا؟ ، وكيف سيدو الأمر اذا ما فاز التحالف المسيحي في الانتخابات وأصبح فريدريش ميرز المستشار الألماني الجديد؟ وهل سيلجأ بالفعل لتوريد صواريخ توروس الى اوكرانيا؟ وكيف ستواجه المانيا ردود الفعل الروسية حينئذ؟؟
الاسئلة السابقة وغيرها باتت محور ما يفكر فيه المواطن الالماني منذ ان سقط المستشار الالماني شولتز في اختبار الثقة، وحدد الرئيس الالماني موعد الانتخابات البرلمانية الالمانية المقبلة في فبراير، حيث من المحتمل جدًا أن يصبح فريدريش ميرز – مرشح الاتحاد المسيحي – هو المستشار المقبل، وهو بحسب المعروف يريد تغيير الكثير، بحسب ما صرح به من قبل، فهل سيلتزم بنواياه المعلنة من قبل – أم ان فوز الرئيس الامريكي دونالد ترامب سيُلزمه بسياسات خارجية وأمنية جديدة غير تلك التي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية؟ .
يتزامن تنصيب الرئيس الأميركي ترامب والانتخابات البرلمانية الالمانية مع الذكرى السنوية الثالثة للتدخل الروسي في اوكرانيا، وبالرغم من ان موقف فريدريش ميرز – المستشار الالماني المحتمل – معروف من تلك الخطوة، ويدعم بشدة تقديم مساعدات عسكرية ومالية كبيرة لاوكرانيا – وصولاً الى توريد صواريخ توروس الالمانية – وهو ما كان يدفع في اتجاهه الرئيس الامريكي السابق بايدن – الا ان فوز الرئيس الامريكي ترامب قد يصبح نقطة تحول في موقف حلف الناتو بكامله وليس الولايات المتحدة الامريكية وحدها، فالبنية الامنية الاوروبية تعتمد اعتماداً كاملاً على الولايات المتحدة، وبالتالي فليس من الممكن ان تتخذ اوروبا أو أي من اعضاء حلف الناتو موقفاً مغايراً او متعارضاً مع موقف الولايات المتحدة من الحرب الروسية الاوكرانية، فالرئيس الامريكي الجديد يريد سلاماً في اوروبا، ويحبذ التعامل مع الواقع الروسي الاوكراني الجديد، وهو ما سيعني ان المانيا عليها قبول الواقع الجديد، وتغيير سياساتها الخارجية والأمنية على نحو يتسق مع السياسة الخارجية والامنية الجديدة للولايات المتحدة وبالتالي عدم دعم اوكرانيا عسكرياً.
بعد الانتخابات الالمانية المقبلة – وبحسب التحالف الحكومي الجديد – سيصبح مجلس الأمن القومي الجديد في المستشارية هو العمود الفقري لعملية صنع القرار الساسي الجماعي للحكومة الفيدرالية. والتي يجب أن تضم وزراء الحكومة الاتحادية – المسؤولين عن الأمن الداخلي والخارجي وممثلي الولايات الاتحادية وأهم الاجهزة الأمنية. وستضطر الحكومة الاتحادية الجديدة الالتزام بعقد التحالف الجديد في السياسة الخارجية والأمنية – وليس بما يريده المستشار – وهو ما يجب اتباعه في اوروبا ايضاًن، ما يعني ان مجلس الأمن القومي سيتسلم أيضاً زمام المبادرة في وضع استراتيجية جديدة للأمن القومي، والتي من المفترض أن تكتمل في غضون عام واحد، حسبما أعلن فريدريش ميرز من قبل بنفسه.
في كل الاحوال – ومهما كان شكل التحالف الالماني المقبل سيكون عليه مراعاة السياسة الخارجية والأمنية الجديدة للولايات المتحدة في اوروبا، وهذا أمر ملزم، والا سيجد المستشار الالمانية الجديد – وبغض النظر عن اسمه في مواجهة سياسية ليس فقط مع الولايات المتحدة بل ايضاً مع روسيا، والعديد من دول اوروبا التي لا ترغب في ان تكون طرفاً في أي حرب مقبلة، حتى ولو كان الثمن اوكرانيا بكاملها وليس جزء منها فقط